-A +A
صالح عبدالعزيز الكريِّم
الخلايا الجذعية على نوعين، خلايا جذعية جنينية، وخلايا جذعية بالغة، وقد شرحت بتوسع في كتبي وبعض المجلات والمواقع الإلكترونية عن ماهية تلك الخلايا، ومنذ أن اكتشف عالم البيولوجيا الأمريكي طومسون إمكانية تحول هذه الخلايا إلى أنواع متعددة من الخلايا، والمعامل تتوسع في معظم دول العالم بحثا عن العلاج للعديد من الأمراض بواسطة الخلايا الجذعية. وتبرئة للذمة؛ لكوني أحد المتعاملين والقريبين من هذه الخلايا تعاملا ومعملا، ولكثرة من يتصل يبحث عن جواب صادق وشاف فيما يخص علاج هذه الخلايا للأمراض المستعصية، فإنني أضع بين يدي الجميع ما يلي من تنبيهات:
1 ــ إن الله سخر هذه الخلايا لعلاج أكثر الأمراض الدموية وبعض الأمراض الوراثية، خصوصا لدى الأطفال من خلال نقلها من متبرع أو الاحتفاظ بها بعد ولادة الجنين، وهناك محاولات لاستخراج الخلايا الجذعية من بعض أنسجة وأعضاء الجسم واستخدامها للعلاج، وهذا النوع لم يزل في بداياته.
2 ــ إن هذه الخلايا هي أمل للعلاج والشفاء ــ بعد الله سبحانه وتعالى ــ من العديد من الأمراض الأخرى غير ما ذكرته في أعلاه، لكن التقدم فيه بطيء، وإن نجحت بعض المحاولات فإن تكرارها وإعادة العلاج بها مرة أخرى مخيب للأمل.
3 ــ إن هناك ترويجا دعائيا كاذبا في بعض من دول العالم للعلاج بالخلايا الجذعية كله دجل وضحك على الناس ومدروس بطريقة طبية عالية المستوى الهدف منها جلب زبائن وسرقة ما في جيب المرضى، وأكاد أجزم أن كل من ذهب إلى تلك الدول لعلاج مرض سرطاني أو علاج مرض مستعصٍ بالخلايا الجذعية لم ينله إلا التعب والنصب.
إن أقرب الأمراض علاجا بالخلايا الجذعية بعد أمراض الدم والأمراض الوراثية الجنينية هي الأمراض ذات العلاقة بالجهاز العصبي، ومعظم النجاح في التجارب الحيوانية وشيء من النجاح المحدود أعطى نتائج خاصة فيما يخص الحركة، وأشارك في بحث مع زملاء من كلية الطب في بحث في نفس المجال في استخدام خلايا جنينية أكتودرمية لعلاج بعض أمراض الحبل الشوكي، ونحن في طور التجربة على الحيوانات بدعم من جامعة الملك عبدالعزيز.
5 ــ هناك محاولات داخل المملكة، ومن باب أولى خارجها، لاستخدام الخلايا الجذعية البالغة بطريقة إعادة تميزها في المعمل لنفس نوع النسيج المطلوب معالجته.
6 ــ اتضح للعلماء والباحثين أن الخلايا الجذعية الجنينية تتسم بخصائص وصفات الخلايا السرطانية، وقد شرحت بتوسع هذه الخصائص في كتبي الجامعية، ما جعل هناك تخوفا من استخدامها في العلاج.
7- هناك حالات طبية محدودة في استزراع الخلايا الجذعية ونجاحها إما نجاحا مؤقتا أو مستمرا؛ مثل القصبة الهوائية وبعض أجزاء من أنسجة الغضاريف و العين والأطراف من باب قدرتها على التجدد.
8 ــ إن هناك اكتشافات جديدة اليوم حول توفر ووجود خلايا جذعية بالغة في معظم أنسجة وأعضاء الجسم، لكنها بكميات قليلة قد أودعها الخالق ــ سبحانه وتعالى ــ جسم الإنسان كقطع غيار لكل عضو من الأعضاء هي الأمل ــ بعد الله ــ في العلاج من الأمراض المستعصية والمزمنة؛ مثل السكري والزهايمر، ولكن ذلك يحتاج من الباحثين الصبر والعمل الجاد وعدم البحث عن الأضواء والنتائج غير المؤكدة.
ما من شك أن البحث في مناجم الخلايا الجذعية يقود إلى الوصول إلى ما استودعه الله في الجسم البشري من دواء، تصديقا للحديث الصحيح عن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم: «تداووا عباد الله، فان لكل داء دواء علمه من علمه وجهله من جهله»، لكن الحذر كل الحذر من استخدام اسم الخلايا الجذعية كمصيدة للمال عبر تجارب لم تثبت أو أن لها آثارا جانبية، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.. وفوق كل ذي علم عليم.

Prof.skarim@gmail.com